أخبار وتقارير

القطاعات القبلية.. ثقافة ابتزاز تشل الحركة بين المدن وتقلق المواطنين

يمنات – خاص – الصحيفة الورقية – باسم الكثيري

  مؤخراً برزت بشكل لافت القطاعات القبلية في الطرق الرئيسية بين المدن لتصبح ظاهرة تعيق حركة المواطنين وتقلقهم في ظل الانفلات الأمني الذي تشهده البلد..

 وتلك القطاعات أثرت على حياة الناس ومصالحهم وتسببت بإحداث أضرار فادحة لأعمالهم جراء حجز الناقلات التي تحمل البضائع والخضروات والفواكه وناقلات النفط لتصبح ظاهرة مزعجة ومقلقه للسكينة العامة لا تبررها مطالبهم المخالفة للشريعة الاسلامية والقوانين المحلية ، فأصبحت حرزاُ يستعصي على الأجهزة الأمنية فك شفرات طلاسمه، كمعركة جديدة تخوضها هذه الأجهزة.

 

 احتجاز قاطرات النفط

يعود ما يعرف بـ"القطاع القبلي" إلى سنوات طويلة، لكنه ظل في نطاق محدود وعلى مستوى المناطق النائية، تخوض القبائل المتنازعة فيه صراعات وعمليات ثأرية، وتلجأ إلى قطع تلك الطرق الريفية لتعقب مطلوبين من العشائر المعادية أو للضغط على الدولة لإطلاق سجناء أو معتقلين على ذمة جرائم قتل عشائرية.

غير أن الأمر تطور مؤخراً لتصبح الطرق الرئيسية التي تربط بين المدن تحت رحمة مسلحي القبائل الذين باتوا يمسكون بمفاتيح المدن ويغلقونها على الداخلين والخارجين متى شاءوا، وذلك للضغط على الحكومة لتنفيذ مطالب معينة أو للضغط على قبيلة أخرى تعيش معها نزاعاً مستمراً.

ففي نوفمبر الماضي، شهدت منطقة بني مطرـ غرب العاصمة صنعاء ـ اشتباكات عنيفة بين وحدات من الجيش اليمني ومسلحين قبليين قاموا بقطع الطريق الرئيسي والحيوي الذي يربط صنعاء بمدينة الحديدة التجارية الواقعة على البحر الأحمر غرب البلاد.

وفيما استخدم الجانبان أسلحة رشاشة وقذائف هاون خلال المواجهات التي لم تتضح أرقام بشأن ضحاياها أكدت مصادر مطلعة لـ"يمنات" أن المسلحين القبليين احتجزوا نحو 60 قاطرة نفط كانت متجهة لتزويد سكان العاصمة بمشتقات الوقود.

 

قطع الخدمات عن 11 مليون نسمة

وخلال الأسابيع الماضية أيضاً تعرض طريق رئيسي هام يربط مدن تعز وإب وذمار بالعاصمة صنعاء لأكثر من حادثة قطع من جانب مسلحين، ما أعاق وصول الكثير من السلع والخدمات لسكان المدن الأربع الكبرى التي يبلغ تعداد قاطنيها نحو 11 مليون نسمة (ما يعادل نصف سكان اليمن).

كما أدت تلك التقطعات إلى فشل المسافرين في الوصول إلى مناطقهم أو العودة إلى الأماكن التي قدموا منها، وتوفي عدد من المرضى الذين أخفقت مساعي إسعافهم إلى مستشفيات كبرى خصوصاً في العاصمة صنعاء.

وبحسب تقرير رسمي صدر عن وزارة الداخلية مطلع نوفمبر الماضي، فإن شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، شهد وقوع ما يقارب 130 حالة قطع طريق وقطاع قبلي، امتدت إلى نصف محافظات اليمن، وتسببت هذه القطاعات بمقتل 8 أشخاص وإصابة 17 آخرين، وأدت إلى خسائر مادية تقدر بـ300 مليون ريال يمني (1.4 مليون دولار أمريكي) بسبب استهداف قاطرات النفط والغاز والبضائع واحتجازها، أحياناً، لما يزيد على عشرة أيام.

وفي تقرير مشابه (سجلت الأجهزة الأمنية وقوع 673 جريمة قطاع قبلي في عدد من محافظات الجمهورية خلال العام الماضي , ضبط منها 636 جريمة وبنسبة ضبط بلغت 94.5%.

وجاءت محافظة عمران في المركز الأول من حيث توزيع الجرائم على المحافظات في حين لوحظ خلو محافظات مثل صعدة وحضرموت والبيضاء من هذه الجريمة العام الماضي لعدم التمكن من الوصول إليها ووجود أي بلاغات فيها.

وأوضح التقرير الأمني الإحصائي السنوي الصادر عن وزارة الداخلية أن جريمة القطاع القبلي تسببت العام الماضي بوفاة 18 شخصاً،جميعهم من الذكور,وإصابة 48 آخرين, فيما بلغت خسائرها المادية 461 مليوناً و125 ألف ريال استرد منها 385 مليوناً و325 ألف ريال.

ووفقاً للتقرير فإن عدد المتهمين بارتكاب هذه الجريمة بلغ 767 متهماً من ضمنهم 2 من الأحداث, ضبط منهم 673 متهماً, فيما بلغ عدد المجني عليهم في جريمة القطاع القبلي 749 شخصاً في عدادهم 8 من الأحداث.

 

قطع الطرقات لأسباب شخصية

يذكر أن اللجنة العسكرية لتحقيق الأمن والاستقرار، التي تمخضت عن بنود المبادرة الخليجية، كانت قد طالبت مؤخراً مسؤولي المحافظات بالعمل الفوري على إنهاء ظاهرة قطع الطرق وما يسمى القطاعات القبلية إلا أنها ما زالت مستمرة..

وفي هذا السياق، أكد الرأي العام أنه لا يمكن القضاء على الظاهرة بمجرد جرة قلم أو توجيه من الجهات العليا، لأن هذه الحوادث انعكاس للانفلات الأمني الحاصل في البلد وعجز الدولة عن بسط سيطرتها الكاملة في مقابل تعزيز القبائل المسلحة قبضتها على المناطق التي تعد في نطاق نفوذها وهيمنتها التقليدية.

ولفت إلى أن المعالجات التي تمت حتى الآن بالنسبة لإنهاء عملية قطع الطرق في أكثر من محافظة جرت بوساطات قبلية وتحكيم قبلي ومن خلال تعهدات بتنفيذ مطالب قاطعي تلك الطرق ،الأمر الذي يعني أن الظاهرة ستستمر ما دام أن «الحلول ترقيعية وليست جذرية أو معبرة عن تطبيق إجراءات حكومية وفقاً للنظام والقانون».

 

قطاعات تفرض رأيها على الحكومة 

ناهيك عن الأشهر الماضية مطلع هذا الشهر خطوط نقل الطاقة الكهربائية التي تربط محطة مأرب الغازية بالعاصمة صنعاء وبقية محافظات الجمهورية لقطاع تخريبي في منطقة الدماشقة بمحافظة مأرب.  وذكر مصدر في وزارة الكهرباء والطاقة إن خطوط نقل الطاقة تعرضت لاعتداء تخريبي من قبل المدعو محمد حسن كلفوت الذي تتهمه السلطات اليمنية بتفجير أنبوب النفط إثر مهاجمة وحدات عسكرية لمنزله وإندلاع اشتباكات بينهما ‘ ما أدى الى خروج محطة مأرب الغازية عن الخدمة وانقطاع إمدادات التيار الكهربائي عن معظم محافظات الجمهورية.

كما تعرض الأنبوب لقطاع تفجيري مماثل قبل ذلك في منطقة صرواح بمحافظة مأرب مطلع الشهر الحالي من قبل ناجي صالح الزايدي وعلي سعيد طعيمان وفقا لما ذكرته وزارة الداخلية في موقعها على شبكة الانترنت.

زر الذهاب إلى الأعلى